رئيس مجلس الإدارة
عبدالحفيظ عمار
رئيس التحرير
محمد صلاح

د.على عبد النبى يكتب: بداية إسرائيل مع الطاقة النووية

عالم الطاقة

الأمن يشكل بالنسبة لإسرائيل عامل وجود وتمكينا واستقرارا، واستجابة لظروف إسرائيل الأمنية، كانت هناك حتمية لامتلاك إسرائيل التكنولوجيا المتطورة، والتى تتطلب التقدم والتفوق التكنولوجى بكل ما أوتيت من قوة. فى هذه المقالة سوف نركز على تكنولوجيا الطاقة النووية، ونظرا لضخامة الموضوع، سوف نستعرض ملامح الجزء الخاص بأمن إسرائيل.

من عام 1517 إلى عام 1917 (400 عام)، كانت فلسطين، إلى جانب جزء كبير من الشرق الأوسط، تحت حكم الإمبراطورية العثمانية.  

فى عام 1896، نشر الصحفى اليهودى النمساوى "تيودور هرتزل"، الذى ولد فى بودابيست سنة 1860 وتوفى فى النمسا عام 1904، كتيبا سياسيا بعنوان "الدولة اليهودية"، والذى طالب بإقامة دولة يهودية لحماية اليهود من معاداة السامية. أصبح "هرتزل" زعيم الصهيونية، فهو مؤسس الصهيونية السياسية المعاصرة. عقد المؤتمر الصهيونى الأول فى سويسرا فى عام 1897، وتم اختيار فلسطين على أنها أكثر المواقع المرغوبة لدولة يهودية، وقدم "هرتزل" التماسا للحكومة العثمانية بذلك ولكن طلبه رفض.

لتحقيق رغبة الصهاينة فى تأسيس وطن لليهود فى فلسطين، هاجرت أعداد كبيرة من اليهود إلى فلسطين وبنوا المستوطنات. بين عامى 1882 و1903، انتقل حوالى 35 ألف يهودى إلى فلسطين، وبين عامى 1904 و1914 انتقل حوالى 40 ألف يهودى آخرون إلى فلسطين.

الحرب العالمية الأولى غيرت بشكل كبير من المشهد الجيوسياسى فى الشرق الأوسط. ففى 2 نوفمبر 1917، وفى ذروة الحرب، قدم وزير الخارجية البريطانى "آرثر جيمس بلفور" خطاب نوايا يدعم إنشاء وطن لليهود فى فلسطين. كانت الحكومة البريطانية تأمل فى أن الإعلان الرسمى - المعروف فيما بعد باسم وعد بلفور - سوف يشجع على دعم الحلفاء فى الحرب العالمية الأولى.

عندما انتهت الحرب العالمية الأولى فى عام 1918 بانتصار الحلفاء، انتهى حكم الإمبراطورية العثمانية، وسيطرت بريطانيا العظمى على فلسطين.

فى نهاية الحرب العالمية الثانية، عام 1945، تبنت الولايات المتحدة القضية الصهيونية. ولم تتمكن بريطانيا من إيجاد حل عملى لقضية فلسطين، فأحالت القضية إلى الأمم المتحدة، التى صوتت فى نوفمبر 1947 على تقسيم فلسطين.

بحلول 14 مايو 1948، انسحبت بريطانيا من فلسطين بعد انتهاء انتدابها، وكان اليهود قد ضمنوا السيطرة الكاملة على حصتهم المخصصة من الأمم المتحدة فى فلسطين.

ومع انسحاب بريطانيا من فلسطين، أعلن رئيس الوكالة اليهودية "دافيد بن جوريون" من تل أبيب قيام دولة إسرائيل، وأصبح "بن جوريون" أول رئيس وزراء ووزير دفاع لإسرائيل. وبدأ فى الإشراف على إنشاء مؤسسات الدولة ومشاريع البنية التحتية. كما ترأس أيضا مشاريع تعمل من أجل التنمية والسكان للدولة الجديدة.

"دافيد بن جوريون"، أول رئيس وزراء لإسرائيل ووزير الدفاع. ولد بن جوريون فى مدينة "بلونسك" البولندية فى 16 أكتوبر 1886، وتوفى فى ديسمبر 1973، نشأ بن جوريون غيورا على الصهيونية ومتحمساً لها. هاجر إلى فلسطين عام 1906 حيث أصبح من قادة الحركة العمالية الصهيونية فى مرحلة تأسيس إسرائيل.

من أقوال بن جوريون: نحن أقل من الشعوب الأخرى فى أعدادنا وتشتتنا وخصائص حياتنا السياسية، ولكن لا يوجد شعب آخر متفوق علينا فى براعته الفكرية.  

بعد حرب عام 1948، كان "بن جوريون" قلقا بشأن مستقبل إسرائيل. وأصبح مقتنعا بأن وقف الأعمال العدائية مع العرب لن يؤدى إلى سلام دائم، ولكن سيكون مجرد وقفة مؤقتة قبل الجولة المقبلة.

اقتناع "بن جوريون" بأن الهولوكوست ربما لم يكن حدثا واحدا وفريدا فى التاريخ اليهودى، ولكنه تهديد متكرر، أصبح منقوشا فى مفهومها للأمن القومى.  

كان سعى إسرائيل لامتلاك أسلحة غير تقليدية (أسلحة دمار شامل) ردا مباشرا على مخاوف "بن جوريون" بشأن أمن إسرائيل القومى. إن ضمان عدم حدوث محرقة مرة أخرى للشعب اليهودى يعنى أن إسرائيل يجب أن تكون لديها القدرة إذا لزم الأمر على ردع مثل هذه الكارثة، وذلك من خلال التهديد بإلحاق الهولوكوست بأعدائها. أدى هذا الموقف إلى قيام إسرائيل ببناء البنية التحتية والقدرات فى جميع مجالات أسلحة الدمار الشامل.

اليوم يقف رئيس وزراء إسرائيل "نتنياهو"، ويتباهى بموقع إسرائيل القيادى بين دول العالم فى العديد من التكنولوجيات المتطورة جدا، فهذا ليس من فراغ، لكنه حصيلة مجهودات تمت خلال 72 عام.   

يعتبر إنشاء دولة إسرائيل من الأمور الصعبة جدا، وخصوصا وأن هناك عوامل كثيرة وحاسمة بشأن مسائل أمن إسرائيل القومى، وسعيها لامتلاك قوة نووية. من بين هذه العوامل نجد الإرادة القوية والمتمثلة فى النزعة الصهيونية، وكذلك القوة القيادية لرئيس الوزراء "دافيد بن جوريون"، ونظرته الثاقبة فى اختيار مستشاره العلمى البروفيسور "إرنست ديفيد بيرجمان"، ومدير أعماله "شمعون بيريز". كان هذا الثلاثى لا غنى عنه لقرار إسرائيل بالسعى وراء قدرات علمية متطورة جداً.

"إرنست ديفيد بيرجمان"، هو كيميائى إسرائيلى، ولد فى 1903 فى مدينة كارلسروه فى ألمانيا، وتوفى فى 1975، فى حيفا. حصل على درجة الدكتوراه عام 1927. وفى عام 1933 غادر ألمانيا إلى لندن، وبدأ العمل مع الكيميائى والزعيم الصهيونى "حاييم وايزمان". فى 1 يناير 1934، هاجر "بيرجمان" إلى فلسطين التى كانت تحت الانتداب البريطانى، وعمل فى معهد "دانيال سيف" للأبحاث فى مدينة رحوفوت (تبعد 35 كم جنوب تل أبيب). خلال الحرب العالمية الثانية عمل فى مشاريع دفاعية للفرنسيين والإنجليز والأمريكان. وبعد عام من الحرب العالمية الثانية، عاد "بيرجمان" للعمل فى معهد سيف، الذى أصبح فيما بعد معهد وايزمان للعلوم. بيرجمان قاد خطط تطوير الأسلحة النووية الإسرائيلية وكان يرأس قسم الكيمياء فى معهد وايزمان للعلوم.

فى معهد وايزمان للعلوم بدأ إعداد الكوادر العلمية فى مجال الفيزياء النووية، وبدأت البعثات العلمية إلى أمريكا وإلى دول غرب أوروبا، وبدأ الساسة الإسرائيليون فى إعداد المسرح السياسى الخفى للاتصال بالأصدقاء المقربين في دول غرب أوروبا من خلال جهاز الموساد الإسرائيلى.

"شمعون بيريز"، ولد فى 2 أغسطس 1923 فى بولندا،  وتوفى فى 28 سبتمبر 2016. هاجرت عائلته إلى فلسطين  فى عام 1934 واستقرت فى مدينة تل أبيب. انخرط مبكرا فى العمل العسكرى، فكان مسؤولا فى منظمة الهاجاناه الصهيونية المسلحة عن الموارد البشرية وشراء العتاد. وبعد تأسيس دولة إسرائيل عين مديرا عاما لوزارة الدفاع الإسرائيلية وعمره 29 عاما، فاهتم بتقوية العلاقات العسكرية مع فرنسا، وأصبح مهندس "العلاقات الخاصة" بين إسرائيل وفرنسا.  وكان الرئيس التنفيذى للمشروع النووى الإسرائيلى خلال سنوات تكوينه، حتى ترك وزارة الدفاع فى عام 1965.

بدأ التعاون النووى السرى بين إسرائيل وفرنسا، وبدأت الأحداث تأخذ طابع السرعة والسرية، ففى عام 1952 تأسست سرا لجنة الطاقة الذرية الإسرائيلية، وفى عام 1953، تمكنت إسرائيل من ابتكار تكنولوجيا جديدة لاستخلاص اليورانيوم من فوسفات صحراء النقب، وكذا ابتكار تكنولوجيا جديدة لإنتاج الماء الثقيل، ونظرا للتعاون المشترك بين إسرائيل وفرنسا فقد حصلت فرنسا على هذه التكنولوجيات المتطورة، كما دعم علماء إسرائيل البرنامج النووى الفرنسى من خلال تعاونهم فى إنشاء مفاعل فرنسى لإنتاج البلوتونيوم، وكذا فى إنشاء محطة معالجة الوقود النووى فى "ماركول" بفرنسا، والأخطر من ذلك كان تعاونهم المشترك فى مجال التجارب النووية الفرنسية، ومنها التجارب النووية الفرنسية التى كانت تتم فى صحراء الجزائر، حيث أجمعت جميع تقارير المخابرات الأجنبية على أن تجارب إسرائيل النووية كانت هى نفسها تجارب فرنسا النووية.

بدأ تنفيذ المخطط السرى لتنفيذ مفاعل "ديمونا" فى صحراء النقب، ففى 17 سبتمبر عام 1956 التقى الوفد الإسرائيلى والذى كان يضم مدير عام وزارة الدفاع الإسرائيلى "شمعون بيريز"، والدكتور "بيرجمان"، مع أعضاء لجنة الطاقة الذرية الفرنسية، وتم الاتفاق على بناء مفاعل فرنسى للأبحاث فى إسرائيل وهو مفاعل "ديمونا". وفى 3 أكتوبر عام 1957 تم التعاقد السرى على تنفيذ مفاعل "ديمونا"، بالإضافة إلى إنشاء مصنع لفصل البلوتونيوم من الوقود النووى المحترق.

على الصعيد العسكرى كانت مخططات إسرائيل لامتلاك أسلحة دمار شامل تنفذ بشكل سرى وبدقة متناهية، ففى 7 نوفمبر عام 1956، عقد اجتماع سرى بين إسرائيل وفرنسا، حضره من الجانب الإسرائيلى وزيرة الخارجية "جولدا مائير"، و"شمعون بيريز"، ومن الجانب الفرنسى وزير الخارجية "كريستيان بينو" ووزير الدفاع "موريس بورجيه"، وذلك بهدف تطوير قوة الردع النووية الإسرائيلية.

فى أواخر عام 1958عندما علم الرئيس الفرنسى المنتخب "شارل ديجول" بالمشروع السرى، عمل لإنهاء المشاركة الفرنسية فيه، وبدأت المفاوضات بين إسرائيل وفرنسا، والتى استمرت سنتين، وكانت تهدف إلى تحقيق طلب فرنسا من أن تعلن إسرائيل عن "سلمية مشروعها النووى". فى يونيو 1960 أبلغ الرئيس "ديجول" رئيس الوزراء الإسرائيلى "بن جوريون" قراره إنهاء التدخل الفرنسى، وقررت إسرائيل استكمال المشروع بنفسها.

توالت الضغوط على إسرائيل، ففى 18 ديسمبر 1960، أكد رئيس هيئة الطاقة الذرية الأمريكية "جون ماكونى" فى لقاء مع الصحافة على أن إسرائيل تقوم ببناء مفاعل "ديمونا" النووى، ثم أعلن استقالته.

كان هناك تعاون نووى بين إسرائيل وأمريكا، ففى 20 مارس 1957، تعاقدت إسرائيل مع أمريكا على بناء مفاعل بحثى أمريكى صغير من نوع الحوض المفتوح فى "ناحال سوريك" قدرة 5 ميجاوات.

كل هذه الضغوط أدت إلى أن يعلن رئيس وزراء إسرائيل "دافيد بن جوريون" فى 21 ديسمبر 1960 أمام الكنيست أن إسرائيل تقوم حاليا ببناء مفاعل نووى للأغراض السلمية قدرته 24 ميجاوات. والمفاعل مصمم للتطبيقات العلمية والصناعية والطبية.

كانت هذه هى المرة الأولى والأخيرة التى تدلى فيها الحكومة الإسرائيلية بتصريح علنى حول مشروع مفاعل "ديمونا". كان من المؤكد أن يكون تصريح "بن جوريون" غامضا ومضللا تماما، إن لم يكن خادعا.

وفى عام 1961 وصلت معلومة للمخابرات البريطانية تفيد أن إسرائيل تبنى مصنعا لفصل البلوتونيوم فى موقع مفاعل "ديمونا"، مما فسر وأكد على أن إسرائيل فى طريقها لصنع أسلحة نووية.

كان هناك تعاون نووى سرى بين إسرائيل وبريطانيا، ففى الفترة من عام 1959 وحتى عام  1966 قامت بريطانيا سرا بشحن شحنات نووية لصالح إسرائيل، وذلك لأغراض إعادة معالجة الوقود المحترق للحصول على المواد الانشطارية "يورانيوم 235  والبلوتونيوم 239 "، كما أرسلت 20 طنا من الماء الثقيل إلى إسرائيل لاستخدامه فى مفاعل "ديمونا". وفى هذه الفترة قامت الأرجنتين بشحن 90 طنا من أكسيد اليورانيوم (الكعكة الصفراء) سرا إلى إسرائيل. وفى عام 1968، قامت إسرائيل سرا بشراء 200 طن من خام اليورانيوم من شركة تعدين بلجيكية.

فى ديسمبر 1963 وصل مفاعل ديمونا "EL-102" إلى حالة الحروجية، وهذا المفاعل يعتبر نسخة معدلة من المفاعل الفرنسى " EL-3 "، والذى بدأ تشغيله عام 1957 فى "ساكليه" بفرنسا.

 بحلول يوليو 1970، أعلنت صحيفة نيويورك تايمز حقيقة أن المخابرات الأمريكية تعتبر إسرائيل دولة تمتلك أسلحة نووية. بعد ذلك بوقت قصير، بدأت إسرائيل في نشر أول صاروخ ذى قدرة نووية، وهو أريحا 1. وخلال حرب 1973، كانت إسرائيل بالفعل تمتلك قوة نووية صغيرة.

كانت الفترة من 1974 إلى 1990 العصر الذهبى للقدرة النووية الإسرائيلية. فمنذ منتصف السبعينيات قامت إسرائيل بتوسيع وتحديث بنيتها التحتية النووية فى مفاعل "ديمونا" لتكون قادرة على إنتاج أنواع جديدة من الأسلحة النووية المتقدمة، الصغيرة والكبيرة على حد سواء. يعتقد أن إسرائيل أنتجت فى تلك الفترة أسلحة متقدمة، وكذلك أسلحة تكتيكية متطورة. وبدأت إسرائيل فى تطوير صاروخ أريحا 2، وهو صاروخ باليستى بمدى تشغيل يبلغ 1500 كيلومتر أو أكثر.

الفنى السابق فى مفاعل ديمونا  "مردخاى فعنونو" أكد فى 5 أكتوبر 1986، أن إسرائيل تقوم بتخصيب اليورانيوم فى موقع مفاعل "ديمونا"، وأن هناك خط إنتاج به أجهزة تخصيب تعمل بنظرية الطرد المركزى منذ عام 1980، بالإضافة إلى وجود خط إنتاج به أجهزة تخصيب تعمل بطريقة الليزر منذ عام 1981، وهذه الطريقة هى طريقة إسرائيلية مبتكرة وحصلت بها إسرائيل على براءة إختراع.

أصبحت سياسة التعتيم والغموض النووى الإسرائيلية ركيزة لا غنى عنها فى عقيدة الأمن القومى الإسرائيلى. حتى أن الكشف العلنى عن أسرار مفاعل "ديمونا" فى 5 أكتوبر عام 1986، لم يكن كافيا من الناحية السياسية لزعزعة إسرائيل فى موقفها عن سياسة التعتيم والغموض.

لكن أجهزة المخابرات الأجنبية أجمعت فى جميع تقاريرها، على أن  إسرائيل صنعت أول سلاح نووى إسرائيلى فى ديسمبر عام 1966، ثم بدأت فى إنتاج الأسلحة النووية على نطاق واسع بعد حرب 1967، وأن قنابل إسرائيل النووية الأولى كانت تصنع من اليورانيوم 235. وأن إسرائيل أجرت تجربة نووية تحت الأرض فى صحراء النقب فى عام 1963.

كما أفاد تقرير لوكالة استخبارات الدفاع الأمريكية فى عام 2013، أن إسرائيل أنتجت أول قنبلتين نوويتين فى عام 1967، وأن إسرائيل أنتجت أسلحة نووية بمعدل قنبلتين فى السنة، ثم توقفت عن الإنتاج فى عام 2004. وذكر التقرير أن إسرائيل لديها 80 رأس حربية نووية ولديها ما يكفى من المواد الانشطارية لإنتاج  أكثر من 190 قنبلة نووية .

كما صرح الرئيس الأمريكى السابق "جيمى كارتر" فى عام 2014، أن  إسرائيل لديها 300 أو أكثر من القنابل، ولا أحد يعرف بالضبط كم الأسلحة النووية التى تمتلكها.

وهناك تقديرات تشير إلى أن إسرائيل تمتلك أكثر من 300 سلاح نووى، سواء كانت قنابل انشطارية أو هيدروجينية، فمنها ما يتم إسقاطه من الطائرات، أو رؤوسا نووية محملة على صواريخ أرض – أرض أو صواريخ بحر- أرض من خلال الغواصات، وتشير التقديرات إلى أن معظم هذه الأسلحة مخزنة وغير مجمعة، لكن تجميعها وتجهيزها للاستخدام يتم فى خلال أيام معدودة.

كما تفيد التقارير أنه وفى الثمانينات وبعد حرب 6 أكتوبر قررت إسرائيل على ما يبدو وقف إنتاج الأسلحة النووية نظرا لامتلاكها مخزونا كبيرا من المواد الانشطارية وخاصة "بلوتونيوم 239"، وبالتالى فقد خفضت إنتاج البلوتونيوم لكن مع الحفاظ على مستوى إنتاج "التريتيوم" اللازم للقنابل الهيدروجينية. والاحتمال الأرجح أن يكون مفاعل"ديمونا" يعمل حاليا لإنتاج "التريتيوم"، لكن فى نفس الوقت فإن الوقود المحترق الخارج من المفاعل يمكن إعادة معالجته وفصل البلوتونيوم 239 منه.

بالإضافة إلى ذلك، فقد صرح "مردخاى فعنونو"، أن إسرائيل فى سنة 1977 قامت ببناء محطة تجريبية فى موقع مفاعل"ديمونا" لتخصيب الليثيوم الطبيعى لزيادة نسبة عنصر الليثيوم-6 من 7.5٪ إلى نحو 85٪  وأن إنتاج "التريتيوم" يتم من خلال التشعيع النيوترونى لليثيوم-6 (Li-6) فى مفاعل ديمونا.

التقديرات العلمية تقول أن إنتاج مفاعل "ديمونا" من البلوتونيوم 239 منذ عام 1965 يتراوح ما بين 675 إلى 925 طن، وعلى الرغم من أن إسرائيل فرضت سرية تامة على عمليات تخصيب اليورانيوم باستخدام تكنولوجيا الطرد المركزى، إلا أنها اعترفت بإستخدام تكنولوجيا التخصيب بالليزر. ولاتزال هناك شكوك كبيرة في تقديرات كميات مخزون إسرائيل من  كل من البلوتونيوم والتريتيوم وكذا المعدل الحالى لإنتاجها.

مما سبق يتضح أن إسرائيل تعلم علم اليقين أن تواجدها فى المنطقة يعتمد على قوتها العسكرية، فهى تتبع سياسة "التفرد"، بمعنى أنها لابد وأن تكون القوة الوحيدة المسيطرة فى المنطقة ولا تعلوها قوة أخرى، والترسانة النووية الإسرائيلية تعتبر بالنسبة لها حياة أو موت.

أشكركم وإلى أن نلتقى فى مقال آخر، لكم منى أجمل وأرق التحيات.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 


تم نسخ الرابط
ads