فى شرح واف..خبير بترول يستعرض كافة التفاصيل المتعلقة بترسيم الحدود ومدى أهميتها فى ذلك التوقيت

قدم الدكتور جيولوجى نبيه احمد نبيه الخبير البترولى شرحا تفصيليا تضمن كافة المعلومات المتعلقة بتقسيم الحدود البحرية المصرية مع عدد من الدول الأوروبية الأمر الذى أزعج الرئيس التركى رجب أردوغان ..

وفى استعراض له قدم الخبير البترولى شرح مفصل تضمن ما يلى:_

الكلام اللى جاى مفيد جدا لنفهم تعريف  المياه الاقتصادية Exclusive Economic Zone (EEZ) والاقليمية Territorial waters ، إذ لابد من فهم مشكلة تقسيم الحدود البحرية خاصة أن هناك معادلة تتضمن وجود اختلافات بين الجيولوجيا والبترول والسياسة خاصة أنهم  لا يفترقان لتحقيق الصالح العام ولزيادة الوعى :

 

✹ المأزق التركي في اتفاقية ترسيم الحدود بين مصر واليونان

✪ عشان نفهم أساس مشكلة الحدود البحرية بالنسبة لتركيا وعلاقة الموضوع ده باتفاقية ترسيم الحدود البحرية اللي تم توقيعها النهاردة بين«مصر» و«اليونان» ، محتاجين نعرف كثير من الجغرافيا ، وقليل من الجيولوجيا ، وقليل من التاريخ
.
✪ عام 1982 تم إقرار اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين الدول بمعرفة الأمم المتحدة ، وتم وضعها موضع التنفيذ عام 1994 ، ومن هذا التاريخ تم اعتبارها احدى مواد القانون الدولي الحاكم لجميع الدول

🔸 ببساطة الاتفاقية دي بتقول ان كل دولة لها سواحل بحرية ، بيكون ليها «مياه اقليمية» ، والمياه الاقليمية دي هى أول 12 ميل بحري (الميل البحرى 1852 متر) قياسا من سواحل الدولة دي ، أي من الحد البري (الأرض)

🔸 و«المياه الاقليمية» دي - طبقا لقانون البحار-  بتعتبر جزء من أراضي الدولة ولا يمكن لأي دولة أو لأى شخص المرور داخل «المياه الاقليمية» لأي دولة غير بإذن الدولة صاحبة المياه الإقليمية دي .. وتخضع «المياه الاقليمية» لقوانين الدولة صاحبة هذه المياه ...ومحدش يقدر يدخلها بدون اذنها وإلا يعتبر ذلك عدوانا عليها وبمثابة إعلان حرب صريح ، يعني كأنك دخلت أرض الدولة بالضبط ....

🔹 وبالإضافة لكده ، محدش يقدر يستغل الثروات الموجودة في «المياه الاقليمية» لأي دولة (صيد وخلافه) إلا هي ، وأي ثروات (بترول - غاز ..إلخ) موجودة في نطاقها بتكون ملكية خاصة خالصة للدولة دي

⛔️ طاب لو المسافة بين الدولتين أقل من 12 ميل بحرى لكل دولة .. زي مثلا بيننا وبين «الأردن» فى خليج العقبة ... هنا بيتعمل ترسيم حدود بحرية .. ويتعين خط منتصف بين الدولتين وبتكون هي دي حدود «المياه الاقليمية» بين الدولتين حتى لو قلت عن 12 ميل بحري..

.
❇ ثانيا ... بعد «المياه الاقليمية» ، فيه حاجة إسمها «المياه الاقتصادية» أو Exclusive Economic Zone .. و دي بــ تمتد من خارج «المياه الإقليمية»
Territorial waters

للدولة بمسافة 200 ميل بحري ... والمياه دي تعتبر مياه دولية .. يعني مسموح لأي حد انه يعبر فيها .. بواخر تجارية .. مراكب صيد .. أفراد .. أي شئ .. بشرط أنه مايقربش لأي ثروات فيها.. اللي تحت سطح البحر ملكك ، يعني من حق الدولة صاحبة المياه الإقليمية إنها تنقب فى المياه الإقتصادية عن الثروات والغاز والبترول وتعمل أي أنشطة إقتصادية .. بس بشرط ، إنه مايكونش فيه تشابك فى «المياه الاقتصادية» مع أي دولة تانية.
 

⛔️ المشكلة بقى لما تكون المسافة بين الدولتين أقل من400 ميل بحرى .. هنا بتتشابك «المياه الاقتصادية» بن الدولتين .. ولا يمكن لأي دولة منهم القيام بأي نشاط إقتصادي داخل المياه الإقتصادية .. بدون عمل «إتفاقية ترسيم» حدود بحرية للمياه الإقتصادية .. والموضوع ده معقد جدا وبياخد سنين طويلة لأنه بــ يتم عن طريق تعيين نقاط إرتكاز على الحدود الشاطئية لكل دولة ، وحسابات جغرافية ودراسة طبيعة التربة والجرف القاري وشوية مصطلحات مكلكعة كده .. بيدخل فيها خبراء كتير ودراسات كتير ، وبــ يتم بعدها تعيين الحدود دي بمنتهى الدقة طبقا لمعايير دولية ، لأن ممكن 100 متر يفرقوا في حقل غاز أو بترول كبير يترتب عليه خسارة لدولة من الإتنين لو الترسيم كان مش مضبوط .. وبعدها بــ يتم إعتماد الإتفاقية وإيداعها في أرشيف «الأمم المتحدة»..

✅ ده قانون دولي اسمه قانون البحار والأمم المتحده مش بتعترف إلا بيه فقط ، وبالتالي فالحكاية مش متروكة للاجتهاد او المزاج ،  ولو انت قسمت بشكل مخالف للقانون ، فتقسيمك هيترفض ، ومفيش شركة دولية محترمة هترضى تشتغل في الوضع ده
.
🔹 فإذا كانت هناك دولتين (أ) و (ب) عايزين يرسموا الحدود البحرية بينهما ، فبيتم رسم خط المنتصف في البحر الفاصل بينهما.

🔸 بس نفس الاتفاقية دي رجعت وقالت انه إذا كانت هناك جزر مأهولة في البحر الفاصل بين الدولتين فبيتم ترسيم الحدود بين الدولة (أ) وبين أقرب جزيرة مأهولة بالسكان تابعة للدولة الأخرى (ب)
.
◄ وهنا ظهرت مشكلة عويصة بالنسبة لتركيا بالذات ، لأن «بحر إيجه» الفاصل بينها وبين «اليونان» فيه حوالي 6000 جزيرة تابعة لليونان ، منها حوالي 238 جزيرة مأهولة بالسكان ، وأغلبهم قريب جدا من الساحل التركي ، منهم مثلا جزيرة «كاستيلوريزو» اليونانية  اللي بتبعد عن الساحل التركي مسافة 1300 متر فقط ( 1300 مثر ، مش كيلومتر، خللي بالك) يعني ممكن الواحد يروحها عوم .

🔹 وبالتالي إذا أرادت «تركيا» ترسيم الحدود البحرية بينها وبين «اليونان» فلازم تشوف أقرب «جزيرة» يونانية مأهولة وتبتدي تقيس حدودها البحرية إنطلاقا من منتصف المسافة بينها وبين الجزيرة دي وليس من الشاطئ اليوناني ، والوضع ده خللى تركيا تقريبا بدون مياه اقتصادية رغم طول شواطئها الممتدة على ساحل المتوسط ، وحرمها من الاستفادة من أي ثروات قد تظهر في هذه المياه
.
⁉ طيب ليه الجزر دي كلها تابعة لليونان رغم قربها من تركيا..؟

💠 هنا بنرجع للتاريخ ، وبالتحديد لـ «معاهدة لوزان» اللي وقعت عليها الدولة العثمانية عام 1923 بعد هزيمتها في الحرب العالمية الأولى .. المعاهدة دي انتزعت كل الجزر من السيادة التركية ومنحتها لليونان ، واعتبرت ان حدود «تركيا» الحديثة هي المحصورة في هضبة الأناضول فقط..

★ وقتها ماكانش العالم يعرف حاجة عن الثروات المخفية تحت مياه البحار ، وبالتالي مكانش فيه حاجة اسمها المياه الاقتصادية ده من أساسه ، وبالتالي مرت السنين من غير أي مشاكل بالنسبة لتركيا .
.
★ لكن بعد اكتشاف وجود ثروات طبيعية تحت سطح البحار ومع تطبيق اتفاقية الحدود البحرية بمعرفة الأمم المتحدة ، «تركيا» لقيت نفسها في وضع سئ للغاية.. هي عندها شواطئ طويلة على البحر المتوسط ، لكنها طبقا للاتفاقية دي مالهاش أي مياه اقتصادية ، وبالتالي اتحرمت من الاستفادة من ثروات مياه شرق المتوسط .

★ وعشان كده رفضت «تركيا» التوقيع على قانون البحار الدولي لأنها عارفه انه هيلزمها بحدود مائية غير مرضية لأطماعها التوسعية
.
✴ الوضع الجغرافي المأزوم ده خلّى شخلول أسطنبول يلجأ لحيلة بهلوانية عجيبة للخروج من هذا المأزق ، فقالك ان الجرف القاري لشواطئ «تركيا» متصل بالجزر اليونانية القريبة من ساحل الأناضول ، وبالتالي فهذه الجزر هي اقتطاع من اليابسة التركية ، واحنا عشان نرسم الحدود هنعتبر ان كل الجزر دي كأنها مش موجودة أصلاً ، وبعد كده نرسم خط المنتصف على اعتبار ان البحر كله فاضي ومافيهوش غير الميه ، مع اعترافنا بسيادة «اليونان» على تلك الجزر ،، وطبعا كل العالم ضحك على الكلام ده ومحدش اعترف بيه ولا عبره ، وأولهم بالتأكيد كانت «اليونان» و«قبرص» اللي بينهم وبين «تركيا» عداء تاريخي .
.
🔹 المهم ، صاحبنا جاء لزيارة «مصر» عام 2009 وعرض على «مبارك» انه يرسم الحدود بين «تركيا» وبين «مصر» بالطريقة الأردوغانية العجيبة دي متجاهلا وجود جزيرة ودولة «قبرص» في المسافة بيننا وبينه .. وحاول يغري «مبارك» بقوله ان الفكرة بتاعته دي هتدي لمصر مساحة جديدة من المياه الاقتصادية تقدر بـ 40 ألف كيلومتر زيادة ، فمبارك قاله انت مش اتعشيت وخدت واجبك !..، اتفضل بقى خد بعضك وإمشي وأوعى تقول الكلام ده تاني لأحسن الناس هتتريق عليك .. لأن مصر موقعة على اتفاقية الحدود البحرية ، واحنا ناس بنحترم كلمتنا ومش بنخالف القانون الدولي اللي مضينا عليه من عشرين سنة
.
🔸 بعدها بكام سنة ، رجعت تركيا بنفس العرض ده بس المجلس العسكري وقاله ده اسمه تهريج لأننا ملتزمين بالاتفاقية اللي «مصر» وقعت عليها ، دا غير اننا حتى لو وافقنا فمفيش حد في العالم هيعترف بالهجص ده وهيبقى شكلنا مسخرة بين الأمم .
.
🔹 الكلام ده بنقوله عشان اللى متصور أو مصدق التخاريف اللي  حريم السلطان وشماشرجية ومحظيات السرايا دايرين يلفوا بيها في المواقع والصفحات بتاعتهم والقائمة على مخالفة القانون الدولي وعلى نهب حقوق الناس وأكل مال النبي عن ترسيم الحدود بين «مصر» و «تركيا» وانها فى مصلحة «مصر» وإن صاحبنا هو اللي عايز يرجع لمصر حقوقها وبيوهم اننا بنضيع حقوقنا لصالح  «اليونان» ، لأنه ببساطة مكانش فيه حد هيعترف بالترسيم التخريفي ده ، عشان المياه دي ببساطة هي مياه «اليونان» مش مياه «تركيا» ، ومكانش فيه شركة هترضى تشتغل في الوضع ده لأنه غير قانوني

✅ المهم انه ، بتوقيع «مصر» و «اليونان» اليوم على إتفاقية ترسيم الحدود البحرية بينهما، بينتهي للأبد آخر حلم للعثمانللي فى المياه الاقتصادية اليونانية ، وهيبقى من حق اليونان استخدام السلاح لحماية أي اعتداء على مياهها الاقتصادية
.
✅ وبكده اردوغان لقي «السيسي» بتوقيعه على اتفاقية الحدود البحرية مع «اليونان» خلى أي الإتفاقية  اتعملت قبل كده هي والعدم سواء ، لأن «الأمم المتحدة» مش هتعترف إلا بالاتفاقية اللي عملتها «مصر» مع «اليونان» ، لأنها الإتفاقية الوحيدة المتوافقة مع نصوص ومبادئ القانون الدولي للبحار اللي الأمم المتحدة عملته ومش بتعترف إلا بيه.. 
.
✅ طبعا ده يفهمك ليه عملنا تطوير ضخم (ولا زلنا) للسلاح البحري والجوي بتاعنا ، وليه كان فيه ناس معينين بيهاجموا التسليح ده ، ولصالح مين .!!
.
✅ انت محتاج التسليح ده عشان تغطى المساحات الشاسعة اللي أضيفت لحدودك البحرية.

✅ الفارق اللي أضيف لحدود مصر البحرية الاقتصادية كبير ويستحق الاحتفال طبعا واعتقد انه كمان وضع جزير كريت اليونانية فى الاعتبار.

واختتم حديثه قائلا :"_هذه معلومات مجمعة من مصادر مختلفة بغرض التبسيط مع الترحيب بٱى ادإضافة لإثراء المعلومات او لتصحيح احداها فهكذا تعلمنا وهكذا سنعلم الاجيال التالية هذا النهج العلمى فى تحليل الاحداث".