لماذا يرحب ترامب بانخفاض أسعار النفط إلى حد معين؟

يشهد العالم العديد منذ وصول الرئيس دونالد ترامب للسلطة العديد من الصراعات السياسية و الاقتصادية المفتعلة لغرض معين أعلنه الرئيس الأمريكى وهو جعل أمريكا عظيمة مرة أخرى "”Make America Great Again. ويعد تحديد سعر برميل النفط فى حدود نطاق معين أهم وسيلة لتحقيق الازدهار الاقتصادى المرجو وهو ما يتطلب تسخير الدينامكية الجيوسياسية الأمريكية فى العالم لتحقيق ذلك.

لكن ما هو سعر النفط العالمي الذي يضمن عدم توقف صناعة إنتاج النفط الصخري المكلفة وفي نفس الوقت لا يؤثر سلبا على مستوى معيشة المستهلك الأمريكي؟  اجابة هذا التساؤل تحقق الهدف الذى  يسعى الرئيس ترامب لتحقيقه  من خلال التحكم فى سعر خام البترول عالميا ويهدف هذا المقال الى توقع سعر النفط المستهدف مع القاء الضوء على أهمية التجمعات النفطية غير التقليدية فى أمريكا وارتفاع تكلفة انتاجها التى يجب أن يتجاوزها سعر النفط المستهدف.

تحتفظ الولايات المتحدة الآن بأكبر قاعدة احتياطي نفطي قابل للاسترداد في العالم، متجاوزة كلا من السعودية وروسيا، وذلك بفضل تطوير التجمعات النفطية غير التقليدية (يرجى الرجوع إلى تعريفات المصطلحات أدناه).

التجمعات النفطية غير التقليدية: تنتشر هذه التجمعات وليست متأثرة بشكل كبير بالضغوط الهيدروديناميكية. تشمل الأمثلة صخر الغاز، هيدرات الغاز، البيتومين الطبيعي، وودائع النفط الصخري. تتطلب هذه التجمعات عادة تقنيات استخراج متخصصة، مثل برامج التكسير لاسترداد النفط في الموقع، وفي بعض الحالات، الأنشطة التعدينية. علاوة على ذلك، قد يحتاج النفط المستخرج إلى معالجة كبيرة قبل أن يمكن بيعه.

التجمعات النفطية التقليدية: تشير هذه إلى احتياطيات النفط المرتبطة بميزات هيكلية جيولوجية محلية أو ظروف طبقية. عادة ما يكون كل تجمع محصورًا من خلال تلامس أسفل المائل مع خزانات مائية، ويتأثر بشكل كبير بالعوامل الهيدروديناميكية، مثل طفو النفط في الماء. عادة ما يتم استرداد النفط من هذه التجمعات من خلال آبار، وعادةً ما يكون أقل تكلفة لاستخراجه مقارنة بالنفط غير التقليدي من الصخر الزيتي.

يمكن أن تختلف تكلفة استخراج النفط من الصخر الزيتي في الولايات المتحدة على نطاق واسع اعتمادًا على عدة عوامل، بما في ذلك تقنية الاستخراج المحددة المُعتمدة، وموقع ودائع النفط الصخري، وحالة أسواق النفط الحالية، والاعتبارات التنظيمية، وكفاءة العمليات في عمليات الاستخراج. عمومًا، تكون تكاليف استخراج النفط من الصخر الزيتي غالبًا أعلى من تكاليف استخراج النفط التقليدي بسبب تعقيد العمليات المعنية وللعلم  تتراوح تكاليف انتاج برميل  النفط الصخري من  فى الولايات المتحددة من حوالى 46   الى 58 دولارأمريكى اعتماداً على الموقع.

من المهم أن نلاحظ أن أسواق النفط تتأثر بعدة عوامل، مثل العرض والطلب وحالة الاقتصاد العالمي. لذلك، قد تتقلب الأسعار بناءً على المتغيرات التي تحركها أساسًا الدينامكية الجيوسياسية وكمثال لذلك يتعرض سوق  النفط حاليا لمتغيرات وضغوط تشمل نقص  في الإمدادات بسبب تصاعد التوترات في الشرق الأوسط وأوكرانيا وفائض فعلي في المعروض من زيادة إنتاج أوبك+ تضخم المخزونات+ علاقات متوترة ومتغيرة بين أمريكا وروسيا والصين لها تأثيرها. لقد تم الترحيب بانخفاض أسعار النفط من قبل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، مما يوفر راحة للمستهلكين والبنوك المركزية بعد سنوات من التضخم الجامح. ومع ذلك، فإن الأسعار المنخفضة تشكل مخاطر مالية على منتجي النفط الصخري في الولايات المتحدة، وكذلك على منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) التي تقودها السعودية.

أعتقد أن الرئيس دونالد ترامب  من خلال سياساته يهدف الى  الحفاظ على سعر ±  65 دولار ( 60  -  70 دولار)  لبرميل خام برنت النفط  لأن  هذا السعر يحقق المعادلة الصعبة فى تحقيق أرباح من أنتاج النفط الصخرى دون أن يؤدي ذلك إلى تضخم مفرط قد يؤثر سلباً على الاقتصاد ومسنوى معيشة المواطن الأمريكي لذلك من المنطقى أن يستخدم الرئيس ترامب استخدام العقوبات على النفط الروسي والإيراني وكذلك ممارسة الضغوط على دول منظمة الأوبك للمساعدة في السيطرة على أسعار النفط طبقا للتصور الأمريكى.
ملحوظة : الشكل المرفق يؤكد تأرجح سعر خام برنت فى نطاق 60 -70 دولار خلال عدة أشهر فى فترة تولى الرئيس ترمب.

د. نبيه أحمد نبيه
محاضر بترول فى علوم القاهرة، مساعد رئيس جنوب القابضة للاتفاقيات والاستكشاف سابقا