رئيس مجلس الإدارة
عبدالحفيظ عمار
رئيس التحرير
محمد صلاح

ماذا يفصل مصر عن تحقيق الاكتفاء الذاتي من الغاز الطبيعي مجدداً؟

عالم الطاقة

تكثف مصر جهودها لزيادة إنتاجها من الغاز الطبيعي وتحقيق مستهدف الاكتفاء الذاتي منه بإنتاج 6.6 مليار قدم مكعبة غاز طبيعي يوميًا خلال عام 2027، لسد احتياجات البلاد من الغاز خاصة بالقطاعين الصناعي والكهرباء، وخفض فاتورة الواردات الشهرية.

ووفق مسؤول حكومي لـ "العربية Business" تسعى مصر إلى رفع إنتاج الغاز بنحو 57% والوصول إلى مستوى يتراوح بين 6.5 إلى 6.6 مليار قدم مكعبة يومياً، من معدل إنتاج حالي يقدر بنحو 4.2 مليار قدم مكعبة يومياً.

وجاء مُخطط استكشاف الغاز ورفع إنتاجه إلى 6.6 مليار قدم مكعبة يوميًا مدفوعًا بما تحقق خلال 2024-2025 وإسناد 9 قطاعات بحث جديدة والتوقيع النهائي على 6 اتفاقيات باستثمارات 479 مليون دولار ومنح توقيع 14.5 مليون دولار، وكذلك تحقيق 29 اكتشافاً للغاز بالبحر المتوسط والصحراء الغربية وخليج السويس، بالإضافة إلى 3 آبار ناجحة بالبحر المتوسط والدلتا، إذ بلغ حجم مخزون الغاز المضاف خلال العام 1.85 تريليون قدم مكعبة غاز، وفق وزارة البترول المصرية.

ووفق المسؤول تراهن الحكومة المصرية على 4 محاور رئيسية لإعادة نمو إنتاج الغاز محلياً مُجددًا خلال العامين القادمين لتقليص الفجوة بين الإنتاج والاستهلاك؛ بالتزامن مع زيادة وتيرة الاكتشافات الجديدة إذ يتجاوز الطلب حالياً 6.5 مليار قدم مكعبة يوميًا، ما يجعل تعزيز الإمدادات المحلية ضرورة ملحة لتقليل فاتورة الاستيراد وضمان استقرار السوق.

مزايدتان للغاز وتجهيز 16 منطقة استكشاف

وقد دفع التحول في خطط زيادة إنتاج الغاز الحكومة إلى زيادة عدد مناطق الامتياز المستهدف ترسيتها لصالح الشركاء الأجانب كواحدة من الركائز التي تستند إليها البلاد لمحاولة سد الفجوة بين إنتاج والاستهلاك الغاز المتنامي سنويًا في حدود 5% سنوياً.

وبحسب المسؤول، تستهدف "البترول" المصرية طرح مزايدتين عالميتين للتنقيب عن الغاز الطبيعي في المياه العميقة خلال 2026، للوصول إلى مكامن غاز جديدة تُلبي تطلعات البلاد في رفع إنتاج الغاز عبر مناطق استكشاف جديدة وأحواض جيولوجية بكر لم يتم الإنتاج منها من قبل.

وقال إن وزارة البترول المصرية تُنفذ - بالتعاون مع شركات وبيوت خبرة عالمية- أعمال مسح سيزمي لمناطق امتياز في البحر الأحمر وخليج السويس والصحراء الغربية بمنطقة غرب أسيوط التي تعادل 10% من مساحة مصر تمهيداً لإتاحة ما يزيد على 11 منطقة جديدة للطرح على الشركاء لاستكشاف النفط والغاز في مناطق بكر لم تخضع لأية عمليات تنقيب.

أشار إلى مستهدف آخر خاص بترسية ما يزيد على 5 مناطق امتياز جديدة في البحر المتوسط على الشركاء الأجانب خلال العام القادم عبر طرحها في مزايدة عالمية تُتاح بياناتها ونتائج معالجة بيانات المسح السيزمي للشركات الساعية لاقتناص مناطق الاستكشاف الجديدة.

أضاف أن طرح مناطق الاستكشاف سيتم على مراحل حتى نهاية 2026، سواء من خلال مزايدات عالمية تُعلن عنها الحكومة، أو من خلال بوابة مصر للاستكشاف التي توفر كامل تفاصيل عمليات الطرح ونتائج المسح للمناطق المستهدفة للتسهيل على المستثمرين دراسة المناطق واعتماد خطط الحفر والاستكشاف.

خطط حفر الآبار الجديدة

تستهدف مصر حفر 101 بئر جديدة خلال عام 2026 موزعة على المناطق الرئيسية في مصر بواقع 67 بئرًا في الصحراء الغربية، و14 في البحر المتوسط، وعدد آخر من المناطق بخليج السويس ودلتا النيل، حيث سيسهم ذلك بشكل مباشر في زيادة إنتاج الغاز. وفق وزير البترول المصري كريم بدوي في القمة العالمية الثالثة للطاقة "WORLD ENERGIES SUMMIT".

كما تسعى "البترول" المصرية إلى حفر نحو 480 بئرًا استكشافية باستثمارات تتجاوز 5.7 مليار دولار خلال السنوات الخمس المقبلة، للمساهمة بشكل مباشر في تعزيز الإنتاج وتحقيق مستهدف تحقيق الاكتفاء الذاتي خلال عام 2027 وفقاً للوزير.

وتقوم خطة البلاد حتى عام 2030 على أساس تنفيذ خارطة طريق للاستمرار في زيادة الإنتاج المحلي من البترول والغاز بالتعاون مع الشركاء العالميين، ودفع الشركاء لضخ مزيد من الاستثمارات ورؤوس الأموال.

وأعلنت شركة إيني الإيطالية عن خطة لضخ استثمارات بنحو 8 مليارات دولار خلال الفترة المقبلة، وشركة "بي بي" التي ستضخ استثمار تُقدر بـ5 مليارات دولار في مجال الاستكشاف.

وقد ساهمت الإجراءات التحفيزية التي قدمتها الحكومة المصرية للشركاء في التوسع بمجالات البحث والاستكشاف وزيادة إنتاج الغاز الطبيعي، إذ بلغ عدد الاتفاقيات الجديدة الموقعة مع الشركات العالمية خلال العام الماضي نحو 21 اتفاقية بإجمالي استثمارات 1.1 مليار دولار، فيما تم وضع 300 بئر على خريطة الإنتاج، وساهمت جميعاً في زيادة الإنتاج المحلي لأول مرة ووقف التراجع الذي شهدته السنوات الماضية.

ووفق مسؤول بالشركة المصرية القابضة للغازات الطبيعية "إيجاس"، لـ "العربية Business" تسعى مصر لبدء إنتاج الغاز من بئر "نور1" بمنطقة امتياز "نور" الواقعة في شرق البحر المتوسط وإضافة 100 إلى 120 مليون قدم مكعبة غاز يوميًا، بالإضافة إلى تنفيذ برنامج حفر جديد في حقل ظهر لزيادة إنتاجه إلى ملياري قدم مكعبة خلال 2026.

لفت إلى خطة شركتي "بي بي" البريطانية و"فالاريس" لبدء حفر 5 آبار جديدة للغاز في البحر المتوسط خلال 2026، وذلك عقب نجاح خطة استكشاف شركة "بي بي" خلال النصف الأول من العام الجاري، والخاصة بحفر البئرين "فيوم-5" و"الكينج-2" بنطاق حوض غرب دلتا النيل، في محاولة لاكتشاف حقول اقتصادية جديدة بحجم واحتياطي مُماثل لحقل "ظهر".

وأضاف المسؤول أنه يجري تقييم حجم احتياطات الغاز داخل عدد من الآبار الجديدة، للوقوف على حجم الإنتاج القابل للاستخراج يوميًا والذي سيُضاف للإنتاج الكلي بالبلاد خلال العامين القادمين 2026 و2027، اتساقًا مع برنامج الاكتفاء الذاتي المستهدف السنوات القادمة.

مستحقات الشركاء وحوافز الاستثمار

وبشأن سداد مستحقات الشركات الأجنبية فتُمثل هذه الآلية الركيزة الرئيسية ضمن المحاور المحفزة لتحقيق الاكتفاء الذاتي من الغاز الطبيعي السنوات القادمة عبر دعم الشركاء لاعتماد موازنات استثمارية ورؤوس أموال جديدة يجري ضخها في أعمال التطوير والتنقيب بمناطق الامتياز المُنتجة بالفعل وتلك المخطط دخولها على مرحلة الإنتاج الفترة القادمة.

ووفق المسؤول، تعتزم الحكومة إغلاق ملف مستحقات الشركاء بالكامل في 2026 والتي تتراوح بين 1.7 و2 مليار دولار باعتبار أن الالتزام بآلية دفع الفواتير الشهرية أصبح سياسة دائمة لتجنب تراكم الديون مجددًا.

لفت المسؤول إلى أن وزارة البترول المصرية تستهدف سداد نحو 750 مليون دولار من مستحقات شركات البترول الأجنبية العاملة في البلاد حتى نهاية الربع الأول من 2026.

وأكد الرئيس عبد الفتاح السيسي، خلال لقائه بالرئيس التنفيذي لشركة "إيني" الإيطالية "كلاوديو ديسكالزي"، في 25 نوفمبر الجاري، حرص الدولة على التزامها بسداد مستحقات الشركاء، باعتبار أن ذلك الأمر يُعد أساسيًا في دعم جهود الشركة للتوسع في مجال الإنتاج والاستكشاف. مع مواصلة العمل على جذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية، وتذليل أي عقبات قد تواجه المستثمرين في هذا القطاع الحيوي.

تابع المسؤول أن الخطوة الأخرى التي تلتزم بها وزارة البترول المصرية تدور حول إطلاق حزم تحفيزية مستمرة للشركاء الدوليين إذ تسمح الحكومة حالياً للشركاء بتصدير جزء من حصصهم في الإنتاج الجديد واستخدام العائدات في سداد المستحقات المتأخرة، بجانب ما عملت عليه الحكومة الفترة الماضية بشأن رفع سعر شراء حصص الشركات من الغاز المنتج بالمياه العميقة.

وبحسب المسؤول تم إدراج نظام "معامل الربحية" إلى بعض الاتفاقيات، ولا سيما في المناطق البحرية العميقة أو البكر، لزيادة الجدوى الاقتصادية، كما طُرحت فرص استثمارية قريبة من مواقع العمل الحالية، ما يقلل تكاليف التطوير ويعزز قدرة مصر على جذب استثمارات إضافية في الغاز.

وقال خبير البترول، مدحت يوسف، لـ "العربية Business" إن سداد مستحقات الشركاء خطوة تهدف لتقليص حجم المتأخرات على قطاع البترول المصري بما يضمن زيادة قدرة البلاد نحو تعزيز الاستثمارات وكذلك تعديل خطط التنمية والبحث بالتعاون مع الشركاء الأجانب المستحوذين على مناطق استكشاف الغاز.

أوضح أن سداد المستحقات ورفع سعر شراء الغاز للشركاء بات حوافز استراتيجية بالنسبة للشركاء لمضاعفة خطط الاستكشاف واستمرار برامج التنقيب عن مكامن غاز جديدة، للتوصل إلى أحواض رسوبية ذات احتياطات ضخمة من الغاز تعوض البلاد عن فترات تراجع إنتاج الغاز.

تنمية الحقول القائمة وربطها بالإنتاج

والتزمت الوزارة بتنمية حقول الغاز القائمة والإسراع في ربط الآبار المكتشفة على خريطة الإنتاج، حيث أُضيف مؤخراً نحو 30 مليون قدم مكعبة يوميًا من بئر جديدة في غرب البرلس. وفي أغسطس الماضي بدأ الإنتاج من بئر "ظهر-6" بحقل ظهر، ليضيف 65 مليون قدم مكعبة يومياً، كما شهد الشهر ذاته دخول بئرين في غرب الدلتا بقدرة 60 مليون قدم مكعبة يومياً.

وفي شهر سبتمبر الماضي، بدأت شركة خالدة للبترول إنتاج الغاز من البئر الجديدة جنوب (NUT-1) الواقعة في الصحراء الغربية بمعدل 50 مليون قدم مكعبة يوميًا، كما تم ربط آبار مشروع المرحلة الثالثة "ب" الواقعة في البحر المتوسط، على خريطة إنتاج الغاز في مصر، بمعدل 34 مليون قدم مكعب يوميًا والتابعة لشركة شمال سيناء للبترول.

ووفق مسؤول حكومي تستهدف الشركة المصرية القابضة للغازات الطبيعية "إيجاس" إضافة مخزون جديد من الغاز الطبيعي قابل للاستخراج من حقول البحر المتوسط يقارب 2.2 تريليون قدم مكعبة غاز خلال العام المالي الجاري 2025- 2026.

وأوضح أن الشركات العالمية تؤدي دورًا حيويًا في تنفيذ خطط الحفر وتنمية الآبار، سواء من خلال التمويل أو نقل التكنولوجيا أو التشغيل الفني، المشاركة في حفر آبار جديدة ضمن تطوير حقول مكتشفة وأخرى قيد التقييم.

أفاد أن خطط الحفر تركز حاليًا على مناطق امتياز الغاز في البحرين الأحمر والمتوسط ودلتا النيل، والتي تأتي ممولة من الشركاء الأجانب لاستكشاف مناطق الامتياز المُسندة إليهم في المياه الإقليمية المصرية.

من جانبه قال خبير البترول رمضان أبو العلا، إن رفع إنتاج الغاز حتى 2027 ينعكس بشكل مباشر على فاتورة واردات الغاز من الخارج سواء عبر خطوط الأنابيب أو شحنات الغاز المسال.

أضاف أن كل زيادة في إنتاج الغاز بنحو 500 مليون قدم مكعبة يوميًا توفر ما يترواح بين 25 إلى 30% من فاتورة الواردات السنوية، خاصة مع تنامي استهلاك البلاد من الغاز وبخاصة خلال ذروة الصيف واتساع الفجوة بين الإنتاج والاستهلاك لحوالي 2.7 مليار قدم مكعبة يوميًا.

أوضح أن قطاع البترول المصري بإمكانه التوصل إلى اكتشافات غاز قادرة على زيادة الإنتاج المحلي بنحو 20% سنوياً بالإضافة إلى مشروعات تنمية الحقول القائمة التي ترفع إنتاجية الآبار بما يزيد عن 10% في المتوسط من إجمالي الإنتاج اليومي لآبار.

تم نسخ الرابط
ads