رئيس مجلس الإدارة
عبدالحفيظ عمار
رئيس التحرير
محمد صلاح

كيف تصل مصر إلى هدف إنتاج 800 ألف أونصة ذهب سنوياً؟

عالم الطاقة

قال مسؤول حكومي "العربية Business" إن مصر تخطط زيادة إنتاجها من الذهب خلال العام المالي الجاري 2025- 2026 بنسبة تتراوح بين 7 و 10%، بالتزامن مع خطط شركات التعدين العالمية لزيادة إنتاجها من الذهب بمناطق امتيازها مع تنفيذ الحكومة إصلاحات شاملة تستهدف جذب وتسهيل الاستثمار التعديني وتحسين التنافسية بأنشطة التعدين لزيادة احتياطات البلاد من المعادن وتعظيم العوائد الاقتصادية والإيرادات الدولارية.

وتسعى وزارة البترول والثروة المعدنية المصرية للوصول بإنتاج الذهب إلى نحو 800 ألف أونصة سنوياً و30 مليون طن من المعادن الأخرى بحلول عام 2030، وذلك بعد أن قفز إنتاج الذهب في مصر بنحو 14% خلال العام المالي الماضي.

كما تُخطط الحكومة لرفع مساهمة قطاع التعدين في الناتج القومي للبلاد إلى 6% بدلًا من 1% حالياً. خاصة وأن قطاع التعدين - وخاصة الذهب - يأتي كأحد الركائز الأساسية لتنويع مصادر الدخل القومي، وجذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة، وتحقيق فائض في الميزان التجاري.

تستهدف الحكومة المصرية قفزة كمية ونوعية في إنتاج الذهب بنحو 10% سنوياً، وزيادة رؤوس الأموال الموجهة إلى قطاع التعدين وجذب استثمارات مباشرة بنحو مليار دولار بحلول عام 2030 للاستثمار في أعمال الاستكشاف والتنقيب عن المعادن بالبلاد.

ويضم نشاط التعدين في مصر نحو 150 شركة، منها 8 شركات عالمية تعمل في مجال التنقيب واستغلال الذهب.

وقال المسؤول إن الحكومة أجرت تعديلات تشريعية لتطوير نماذج الاستثمار وتحسين التنافسية بهدف زيادة مساهمة التعدين في الناتج المحلي مع مراعاة المعايير العالمية خاصة تلك المتعلقة بتقليل مخاطر الاستثمار وتسهيل عمليات التنقيب عن الذهب في مناطق الامتياز الواعدة بالبلاد.

نمو تعدين الذهب

وخلال العام المالي 2024-2025 ارتفع إنتاج مصر من الذهب إلى 640 ألف أونصة بزيادة قدرها 14% عن العام السابق، وبلغ إجمالي المبيعات نحو 1.5 مليار دولار بزيادة قدرها 57%، وفقاً لوزير البترول المصري كريم بدوي خلال فعاليات منتدى مصر للتعدين 2025.

وقال المسؤول إن ما يزيد على 70% من إنتاج البلاد من الذهب يأتي من خلال منجم السكري، بجانب بعض الكميات المنتجة من منجمي حمش وإيقات.

وتوقع المسؤول زيادة في إنتاج الذهب المحلي خلال العام المالي الجاري 2025- 2026 بنحو 7 إلى 10%، تزامنًا مع خطط شركات التعدين العالمية التي تُنفذها حالياً لتعظيم إنتاج الذهب بمناطق الامتياز الواقعة تحت مظلتها.

لفت إلى أن شركات التعدين العالمية تسعى لتحقيق زيادات سنوية في إنتاج الذهب بمصر بنحو 40 إلى 50 ألف أونصة سنوياً وذلك حتى عام 2030، ليتجاوز الإنتاج حينها حاجز 800 ألف أونصة سنوياً بالتزامن مع اكتمال دخول مشروعات التعدين الجاري تنفيذها حيز الإنتاج الكامل.

أكد أن وزارة البترول المصرية تُخطط أيضاً لوضع منجم "إيقات" للذهب بالصحراء الشرقية على خريطة إنتاج الذهب العالمية خلال 2025/2026 في خطوة تعكس التوجه الحكومي لتعزيز قطاع التعدين وجذب الاستثمارات، فيما تسعى أيضاً لتطوير منجم حمش لزيادة إنتاجه من الذهب، بالإضافة إلى بدء أول إنتاج تجاري للذهب في منطقة امتياز أبو مروات بالصحراء الشرقية في مصر، وذلك من خلال شركة "آتون ريسورسز" الكندية خلال النصف الثاني من 2026، بجانب مشروع منطقتي "أم الروس- وادي مبارك" في مرسى علم بالبحر الأحمر الذي تسعى الشركة المصرية للثروات التعدينية إلى استخلاص الذهب من هذه المناطق خلال 2026- 2027.

مزايدة لتعدين الذهب

وأكد مصدر بهيئة الثروة المعدنية المصرية، لـ"العربية Business" أنه يتم الإعداد لطرح مزايدة عالمية جديدة للتنقيب عن الذهب في الصحراء الشرقية خلال 2026، بالإضافة إلى مزايدة أخرى سيجري طرحها من خلال "شركة شلاتين للثروة المعدنية" المصرية، بهدف زيادة الاحتياطيات المؤكدة من الذهب وجذب استثمارات جديدة.

وأضاف أن مناطق امتياز الصحراء الشرقية يتوافر بها الكثير من الشواهد التي تُرجح احتمالية الوصول إلى احتياطات جيدة من الذهب وبعض المعادن المصاحبة القابلة للاستخراج.

لفت إلى أن مُخطط طرح مزايدات التنقيب عن الذهب سيتم اعتماده بشكل سنوي، بحيث يتم طرح مزايدة كل عام لاستكشاف الذهب، بجانب طرح مزايدة أخرى سنوياً لباقي المعادن في مناطق الامتياز البكر التي تتمتع بشواهد جيولوجية جاذبة للمستثمرين الأجانب العاملين بنشاط التعدين.

بذات السياق أكد رئيس هيئة الثروة المعدنية الأسبق عمر طعيمة، لـ"العربية Business" أن توطين صناعة القيمة المضافة بات حتمياً للاستفادة من ثروات مصر التعدينية، بالإضافة إلى التخطيط لتطوير مصفاة ذهب ومراكز لصهر وتسويق الذهب محلياً، بدلاً من تصدير الخام، لتعظيم القيمة المضافة والعائد الاقتصادي للدولة.

لفت إلى أن استراتيجية مصر في تطوير قطاع التعدين يجب ألا تقتصر على التنقيب واستكشاف المعادن فقط، وإنما تمتد لتشمل التشغيل التجاري والتوسع في مراحل التصنيع، بحيث ينعكس هذا التوجه على الأداء التصاعدي للمناجم الكبرى، التي تُسجل إنتاجاً قياسياً سنوياً.

مناجم ذهب يتصدرها السكري بنحو 70%

وتحتضن مصر العديد من المناجم، لكن 3 منها تتصدر المشهد من ناحية الاحتياطي والإنتاج والاستثمارات، وتتوزع مواقع هذه المناجم بين الصحراء الشرقية ومنطقة الدرع النوبي، والتي تمنح البلاد ميزة استراتيجية لتسويق الفرص الاستثمارية المتاحة لديها في وقت تتسابق فيه الشركات المحلية والعالمية للاستثمار في قطاع الذهب بمصر، مدفوعة بالإصلاحات التشريعية والبنى التحتية الداعمة الآن.

منجم السكري

ويعد منجم السكري أبرز مناجم الذهب في مصر، بالقرب من مرسى علم، على مساحة تبلغ 160 كيلومترًا مربعًا. وتحصل مصر على نصف أرباح منجم السكري بجانب حقوق امتياز قدرها 3% من مبيعات الذهب.

وبحسب نتائج أعمال شركة "أنغلو غولد أشانتي" المالكة لحقوق امتياز المنجم، فقد ارتفع إنتاج منجم السكري في مصر بنسبة 7% في أول 9 أشهر من العام الحالي ليسجل 381 ألف أونصة.

وكشفت الشركة أن الإنتاج في الربع الثالث من العام الحالي بلغ 135 ألف أونصة مقارنة مع 132 ألف أونصة خلال نفس الفترة من العام الماضي.

وكشفت "أنغلو غولد أشانتي" عن استثمارها 59 مليون دولار في منجم السكري بمصر خلال الربع الثالث، ليصل إجمالي الاستثمارات إلى 184 مليون دولار خلال أول 9 أشهر من 2025.

وبلغ إنتاج منجم السكري للذهب في مصر حوالي 454 ألف أونصة خلال 2024، وفي المتوسط يدور الإنتاج سنويًا بين 450 إلى 500 ألف أونصة، وفق مسؤول بهيئة الثروة المعدنية المصرية.

منجم إيقات

أما منجم "إيقات" فيأتي من بين أبرز مناجم ذهب في مصر، وهو مشروع تديره شركة "شلاتين" بالتعاون مع هيئة الثروة المعدنية المصرية، حيث أُعلن عن الكشف التجاري للمنجم عام 2020 باحتياطي يُقدر بنحو 1.2 مليون أونصة، بنسبة استخلاص ذهب بلغت 95%، وهي من الأعلى عالمياً، وبدأت تجارب التشغيل الفعلي في مارس 2023.

وخلال الجمعية العامة لشركة شلاتين في أغسطس الماضي، أوضحت نتائج الأعمال وصول إجمالي إنتاجها من الذهب لأكثر من 900 كلغ خلال العام من منجم إيقات ومنظومة التعدين الأهلي، مستهدفة رفع الإنتاج إلى نحو 6 أطنان خلال 5 سنوات.

منجم أبومروات

ويُعد منجم أبو مروات مناجم ذهب في مصر، إذ أُعلن عنه في يناير 2024 باحتياطي يصل إلى 290 ألف طن، وكُشف عنه بواسطة شركة "أتون ريسورسز" ضمن امتياز يقع في الصحراء الشرقية -منطقة الدرع النوبي الغنية بالذهب والمعادن- ويشمل رواسب متداخلة من الذهب والنحاس، مما يعزز فرص إقامة مجمع تعديني متكامل.

وتعتزم شركة "آتون ريسورسز" بدء أول إنتاج تجاري للذهب في منطقة امتياز أبو مروات بالصحراء الشرقية في مصر، خلال النصف الثاني من عام 2026، بعد أن تم تأسيس شركة مشتركة بين الهيئة المصرية العامة للثروة المعدنية وشركة "أتون" في يونيو من عام 2024 تمهيداً لبدء استغلال الكشف تجارياً.

تعزيز أرصدة المركزي

وبالتزامن مع ارتفاع إنتاج مصر من الذهب خلال 2024/2025 فقد ارتفعت أرصدة الذهب المدرجة ضمن الاحتياطي الأجنبي لدى البنك المركزي المصري إلى نحو 17.252 مليار دولار بنهاية نوفمبر، مقابل 16.545 مليار دولار في أكتوبر الماضي، بزيادة بلغت نحو 707 ملايين دولار، وفق ما كشف عنه البنك المركزي المصري في 7 ديسمبر الجاري.

حوافز جديدة ومسح لتحديد مناطق التعدين

ودفعت رغبة الحكومة المصرية في زيادة احتياطات البلاد من الذهب خلال السنوات القادمة، وزارة البترول والثروة المعدنية إلى إقرار حزمة إصلاحات وحوافز جديدة تهدف إلى تعزيز جاذبية البلاد للاستثمار في قطاع التعدين، وذلك في إطار خطة لتحويل مصر إلى وجهة إقليمية في الصناعات التعدينية.

وقال وزير البترول المصري كريم بدوي في تصريحات سابقة إن نموذج الاتفاقات التعدينية الجديد الذي ستسير عليه الدولة في تعاقداتها تم تصميمه بناءً على مشاورات مع المستثمرين وبما يتماشى مع أفضل الممارسات العالمية، وتتسم بنوده واشتراطاته المالية بالشفافية والتنافسية، كما أن الإجراءات التنظيمية باتت أكثر مرونة عبر توحيد جهات الإصدار من خلال هيئة الثروة المعدنية، ما يُسهم في تسريع إصدار التراخيص وتقليل البيروقراطية.

وكشف أن مصر تستعد لإطلاق مسح جوي موسع يغطي مناطق مختلفة من الجمهورية، بهدف تحديد المناطق التعدينية الواعدة، مع التركيز على المعادن الحيوية اللازمة للطاقة المتجددة. في إطار جهود الدولة لتقليل المخاطر أمام المستثمرين، وتحفيز دخول شركات ناشئة ومتوسطة الحجم إلى السوق المصرية.

وتشمل الحوافز التي أقرتها وزارة البترول المصرية مؤخرًا خفض الرسوم السنوية على التراخيص، بما يجعل مراحل التنقيب الأولية أكثر جدوى من الناحية الاقتصادية، ويقلص من حجم التكاليف المبدئية التي تتحملها الشركات، لا سيما في المراحل الاستكشافية. بجانب بعض الإعفاءات الضريبية والجمركية التي ستُمنح على معدات ومستلزمات التنقيب والخدمات المصاحبة، إلى جانب إصدار تراخيص جديدة تسمح بالتنقيب عن أكثر من نوع من المعادن ضمن رخصة واحدة، والعمل على إطلاق بوابة مصر الرقمية للتعدين بشكل رسمي لعرض كافة مناطق التعدين وبياناتها الجيولوجية على الشركات العاملة في المجال.

تم نسخ الرابط
ads