رئيس مجلس الإدارة
عبدالحفيظ عمار
رئيس التحرير
محمد صلاح

محمد صلاح يكتب: من الصخر إلى الدولار عرق يتحول إلى ذهب

عالم الطاقة

بعيدًا عن الأضواء، وتحت حرارة الشمس الحارقة أو في أعماق الجبال والصحارى، يعمل آلاف من رجال قطاع التعدين كـ«جنود مجهولين» يحملون على عاتقهم واحدة من أصعب المهام الإنتاجية في الدولة، دون ضجيج أو استعراض، لكن بعائد مباشر وحقيقي على الاقتصاد القومي.

هؤلاء العاملون لا يعرفون رفاهية المكاتب المكيفة، ولا طبيعة العمل الروتيني، بل يواجهون أجواءً شديدة القسوة، تمتد من العزلة الجغرافية، إلى مخاطر التشغيل، وطول ساعات العمل، وقسوة الطبيعة، في سبيل استخراج ثروات تُعد من أهم مصادر الدخل الدولاري لمصر.

وفي تطور لافت يعكس تغير الثقافة التشغيلية داخل قطاع التعدين، شهد منجم السكري مشاركة السيدات للمرة الأولى بنسبة تقارب 3% من إجمالي القوى العاملة داخل المنجم، في خطوة مهمة تعكس التزام المنظومة التعدينية بتكافؤ الفرص، والاستفادة من الكفاءات النسائية في بيئة عمل كانت تُصنف تقليديًا على أنها شديدة القسوة.

ويُعد قطاع التعدين، وعلى رأسه الذهب، أحد القطاعات الاستراتيجية التي أثبتت قدرتها على دعم الاقتصاد الوطني، خاصة في أوقات التحديات العالمية، حيث يوفر تدفقات نقدية بالعملة الصعبة، ويُسهم في تحسين الميزان التجاري، وتعزيز الاحتياطي النقدي.

ويبرز منجم السكري كأحد أهم النماذج الناجحة في هذا القطاع، إذ يحتل المركز الثالث عشر عالميًا بين أكبر مناجم الذهب في العالم، ليضع اسم مصر بقوة على خريطة التعدين الدولية، ويؤكد أن ما يتحقق على أرض الواقع هو ثمرة جهد متواصل لعمال وفنيين ومهندسين يعملون في صمت.

ورغم الأرقام الكبيرة والعوائد الدولارية، يظل أبطال هذا القطاع بعيدين عن دائرة الاهتمام الإعلامي، في حين أنهم يمثلون خط الدفاع الاقتصادي الأول، ويسهمون بشكل مباشر في تحقيق التنمية المستدامة، وتوفير فرص العمل، ونقل الخبرات، وتعظيم القيمة المضافة للثروات الطبيعية.

إن الحديث عن تطوير قطاع التعدين لا يكتمل دون الاعتراف بدور هؤلاء الجنود المجهولين، الذين يصنعون الثروة من قلب الصخور، ويحولون التحديات القاسية إلى أرقام إيجابية في الدخل القومي، مؤكدين أن قوة الاقتصاد لا تُبنى فقط في القاعات المغلقة، بل تُصنع أيضًا في أعماق الأرض٠٠

ويكتسب هذا الجهد مضاعفًا أهميته في ظل ما يحققه منجم السكري من مكانة عالمية، حيث يحتل المرتبة الثالثة عشرة بين أكبر مناجم الذهب على مستوى العالم، وهو ترتيب يعكس حجم الاحتياطيات، وكفاءة التشغيل، والاستمرارية الإنتاجية، ويؤكد أن قطاع التعدين المصري يمتلك مقومات المنافسة الدولية متى توفرت الإدارة الرشيدة والرؤية الواضحة.

وفي هذا الإطار، يبرز مجلس إدارة هيئة الثروة المعدنية بتشكيله الجديد كأحد عناصر الأمل في إحداث نقلة نوعية حقيقية في الأداء، سواء على مستوى تسريع الإجراءات، أو جذب الاستثمارات، أو تعظيم العائد الاقتصادي من الثروات المعدنية، بما يضمن تحويل الإمكانات الجيولوجية الهائلة إلى قيمة مضافة ملموسة تدعم الدخل القومي وتنعكس على الاقتصاد الوطني ككل٠٠٠

ويُعد وجود شركة عالمية بحجم ومكانة «أنجلو جولد أشانتي» ضمن خريطة التعدين المصري، التي استحوذت علي حصة الشريك الأجنبي بمنجم السكري، مؤشرًا إيجابيًا بالغ الدلالة على جاذبية القطاع وثقة المؤسسات الدولية في مناخ الاستثمار التعديني بمصر. فدخول كيان عالمي يتمتع بخبرات تشغيلية وتمويلية وتكنولوجية متقدمة يعكس سلامة الأطر التنظيمية، ويعزز فرص نقل المعرفة، ورفع كفاءة الإنتاج، وتعظيم العائد الدولاري للدولة.

كما يمثل هذا الاستحواذ رسالة طمأنة قوية للمستثمرين العالميين بأن قطاع التعدين المصري يسير بخطى ثابتة نحو المعايير الدولية، وأن ما تحقق في منجم السكري يمكن البناء عليه لتكرار التجربة في مواقع تعدينية أخرى، بما يفتح آفاقًا أوسع للتنمية ويضاعف مساهمة القطاع في الاقتصاد القومى

تم نسخ الرابط
ads