مصر تبحث سيناريوهات تسعير الوقود للربع الأخير من 2025

"هيئة البترول" تعرض تقريرا على لجنة التسعير الشهر الحالي
تترقب السوق المصرية، إعادة هيكلة أسعار الوقود "البنزين والسولار وأسطوانات البوتاجاز" خلال الربع الأخير من 2025، وتحديد تعريفة بيع الوقود لمدة 3 أشهر في اجتماع لجنة التسعير المقرر عقده نهاية سبتمبر الحالي.
ورغم تقلص فجوة الدعم، توجد توقعات ترجح زيادة جديدة لا تتجاوز 10%، تهيئةً للمرحلة النهائية من تحرير الأسعار.
وشهدت موازنة العام المالي 2025-2026 انخفاضا كبيرا لدعم الوقود ليصل إلى 75 مليار جنيه، مقارنة بالعام المالي السابق البالغ 154.5 مليار جنيه.
وقال مسؤول حكومي، لـ "العربية Business" إن الهيئة المصرية العامة للبترول تجهز لعرض تقرير مفصل على لجنة تسعير المنتجات البترولية في مصر، خلال أسبوعين، يتضمن منحنى أسعار خام برنت العالمي خلال الفترة من أبريل الماضي وحتى سبتمبر الحالي لتحديد السيناريو الأقرب للتطبيق بشأن تعريفة بيع الوقود في مصر.
أضاف المسؤول، سيتبع ذلك عقد الاجتماع الأول للجنة تسعير الوقود بالبلاد في موعد مبدئي الأسبوع الأخير من سبتمبر الجاري، لتحديد تعريفة بيع الوقود وفقاً لآلية التسعير التلقائي التي تعتمدها الحكومة لتحديد أسعار المنتجات البترولية في السوق المحلية كل 3 أشهر.
وأشار إلى أن تكلفة تدبير الوقود مازالت تتجاوز سعر البيع المعمول به في البلاد لمدة 6 أشهر منذ آخر زيادة في 11 أبريل الماضي. مرجحًا اتجاه الحكومة إلى إقرار زيادة في أسعار المحروقات لتعويض جانب من فاتورة واردات البلاد من الوقود التي بلغت 25 مليار جنيه شهريًا خلال أشهر الصيف الجاري.
وتعتمد الحكومة في معادلة التسعير التلقائي على احتساب متوسط التغير في سعر خام برنت من ربع مالي إلى آخر، وكذلك نسبة التغير في سعر صرف الجنيه أمام الدولار خلال الفترة نفسها بجانب التكاليف المحلية المرتبطة بالنقل والتكرير والتوزيع، وفق المسؤول.
وأعلنت لجنة التسعير التلقائي للمنتجات البترولية في مصر، في 11 أبريل 2025، عن رفع أسعار البنزين والسولار، والمازوت والبوتاجاز وشملت الزيادات الجديدة جميع أنواع البنزين، حيث ارتفع سعر بنزين (95) من 17 جنيهًا إلى 19 جنيهًا للتر، وسعر بنزين (92) من 15.25 جنيه إلى 17.25 جنيه للتر، بينما زاد سعر بنزين (80) من 13.75 جنيه إلى 15.75 جنيه للتر. كما ارتفع سعر السولار من 13.50 جنيه إلى 15.50 جنيه للتر.
ولم تقتصر الزيادات على أسعار البنزين والسولار، بل شملت أيضًا أسطوانات البوتاجاز، حيث ارتفع سعر الأسطوانة المنزلية من 150 جنيهًا إلى 200 جنيه، والتجارية من 300 جنيه إلى 400 جنيه. كما صعد سعر طن الغاز الصب من 12000 إلى 16000 جنيه، في حين زاد سعر الغاز المستخدم في قمائن الطوب من 190 إلى 210 جنيهًا لكل مليون وحدة حرارية.
سيناريوهات التسعير
ورغم احتمالات انعكاس انخفاض سعر النفط العالمي على إمكانية تثبيت أسعار المحروقات في مصر إلا أن ثمة توقعات تشير إلى إمكانية تحريك الأسعار بنسب أقل مما كانت مُتوقعة بالنسبة للربع الأخير من العام.
وقال عضو هيئة التدريس بكلية الاقتصاد في جامعة القاهرة، د. مدحت نافع، لـ "العربية Business" إن لجنة التسعير التلقائي تعتمد في قراراتها على أسعار خام برنت عالميًا، وسعر الصرف المحلي، وتكاليف النقل والتكرير والتوزيع، ومع اتجاه وزارة البترول إلى تدبير جانب من احتياجات السوق من الوقود عبر الاستيراد فيُرجَّح صدور زيادة محسوبة تراعي البعد الاجتماعي للمواطنين.
وأضاف نافع "من غير المتوقع إلغاء الدعم نهائيًا (مع اختلافي في تعريف الدعم وتمييزه عن تراجع كفاءة التكاليف)، بل سيظل هناك هامش تتحمله الموازنة العامة، خاصة في السلع الأساسية مثل السولار والغاز المنزلي".
وبالنسبة للسولار فهو عصب النقل والإنتاج، لذا من المرجح تثبيت سعره أو زيادته بشكل محدود جدًا لتفادي تضخم واسع، بينما يظل البوتاجاز من أكثر المنتجات دعمًا، ولا يتوقع رفع سعره إلى مستوى التكلفة قريبًا، وفق مدحت نافع.
أشار إلى أن الفجوة بين تكلفة الإنتاج وسعر البيع تقلصت بفضل آلية التسعير والتعديلات السابقة، لكنها ما زالت قائمة خصوصًا في السولار والبوتاجاز، وتستمر الدولة في امتصاص جزء من الأعباء لحماية الفئات الأقل دخلًا.
وقال النائب السابق لرئيس هيئة البترول المصرية مدحت يوسف، لـ "العربية Business" إن الأرجح تحريك أسعار الوقود بعد تثبيتها لنحو 6 أشهر، لتقلص الفجوة بين السعر والتكلفة، مضيفًا أن الرفع الجديد في الأسعار سيكون قبل الأخير قبل التفرغ إلى التحرير الكامل حسب تكاليف السوق، وإلغاء الدعم كاملًا في الاجتماع اللاحق نهاية ديسمبر 2025.
لفت يوسف إلى أن انخفاض سعر برنت وتحسن سعر الصرف سيسهم بشكل مباشر في تخفيف حدة الزيادة اللاحقة التي لن تتجاوز 10% تقريبًا، وذلك حفاظًا على استقرار الأسواق ومراعاة الضغوط الاجتماعية.
فروق التكلفة
وكشف مسؤول بالهيئة المصرية العامة للبترول، لـ "العربية Business" عن تولي الهيئة تدبير شحنات من المواد البترولية عبر عقود استيراد شهرية وأخرى متوسطة الأجل، وتمثل تلك الشحنات بين 20 إلى 35% من احتياجات السوق من أنواع الوقود المختلفة "حسب حجم إنتاج كل نوع وقود محليًا".
أضاف المسؤول أن الاستيراد رفع الفجوة بين تكلفة تدبير الوقود وسعر البيع النهائي بالبلاد بما يتراوح بين 20 و25%، بالتالي فإن الحكومة لن تصل إلى إلغاء الدعم كليًا إلا بتحريك أسعار المحروقات بنحو 25% على مرحلتين بنسب تتراوح بين 10 إلى 12% في الاجتماع الواحد.
تابع أن اتفاق الحكومة المصرية مع صندوق النقد الدولي سرع من اتجاه لجنة تسعير الوقود نحو إلغاء دعم المحروقات، عبر تحميل المستهلك النهائي جزءاً من تكلفة استيراد المحروقات والنفط الخام من الخارج.
عزا مبررات سيناريو تحريك الأسعار بالربع الأخير من العام، إلى أن الحكومة تتحمل دعمًا خلال العام المالي الجاري بنحو 75 مليار جنيه، ما يعني أن المخصصات المالية لتوفير الوقود بالسوق قد يتحمل جزءًا منها قطاعات الدولة الاستهلاكية سواء مواطن أو مستهلك تجاري وصناعي.
ووفق بيان لوزارة البترول المصرية في 11 أبريل الماضي، تستورد مصر نحو 40% من استهلاك السولار و50% من البوتاجاز و25% من البنزين، مما يكلف الدولة حوالي 366 مليون جنيه يوميًا (11 مليار جنيه شهريًا) كدعم.
وتجري مراجعة أسعار بيع المنتجات بالسوق المحلية وفقاً لما أشارت إليه المادة الأولى لقرار رئيس مجلس الوزراء، على ألّا تتجاوز نسبة التغير في سعر بيع المستهلك 10% ارتفاعاً وانخفاضاً عن سعر البيع الساري.
وتطبق مصر آلية للتسعير التلقائي لبعض منتجات البترول منذ يوليو 2016 بعد أن تبنت برنامجًا نفذته على عدة سنوات لتحرير أسعار الوقود، وتُحدد لجنة التسعير التلقائي للمنتجات البترولية الأسعار كل 3 أشهر.